الْتَّمْر يُعْتَبَر مَوْسُوْعَة غِذَائِيَّة مُتَكَامِلَة سَخَّرَهَا الْلَّه لَنَا... لِنَتَأَمَّل فِي فَوَائِد هَذِه الثَّمَرَة الْرَّائِعَة كَغِذَاء وَعِلَاج وَدَوَاء

سُؤَال نَطْرَحُه : لِمَاذَا كَان الْنَّبِي الْكَرِيْم يُكْثِر مِن الْإِفْطَار عَلَى الْتَّمْر فِي شَهْر رَمَضَان؟ وَبِمَا أَن جَمِيْع الْأَعْمَال الَّتِي قَام بِهَا هَذَا الْنَّبِي الْرَّحِيْم فِيْهَا حِكْمَة عَظِيْمَة، إِذَن لَا بُد أَن يَكُوْن هُنَالِك عَلَاقَة بَيْن الْصَّوْم وَبَيْن الْتَّمْر مِن جِهَة، وَمَن جِهَة ثَانِيَة هُنَالِك عَلَاقَة بَيْن الْتَّمْر وَبَيْن الشَّفَاء مِن بَعْض الْأَمْرَاض، لِأَن الْرَّسُوْل عَلَيْه الْصَّلَاة وَالْسَّلَام كَان يَأْكُل الْتَّمْر فِي جَمِيْع أَوْقَات الْسَّنَة.
وَلِذَلِك سَوْف نَرَى الْفَوَائِد الْعَظِيْمَة لِتَنَاوُل حَبَّات مِن الْتَّمْر كُل يَوْم، وَخُصُوْصَا فِي شَهْر رَمَضَان الْمُبَارَك، الَّذِي نَسْأَل الْلَّه تَعَالَى أَن يَتَقَبَّل مِنَّا جَمِيْعَا صِيَامِه، وَيَعْتِقَنَا مَن الْنَّار. وَإِلَيْكُم بَعْض الْأَمْرَاض الَّتِي يُعَالِجُهَا الْتَّمْر.
الْتَّمْر عَلَاج لِلْتَسَمُّم

إِن أَكَل كَمِّيَّة قَلِيْلَة مِن الْتَّمْر كُل يَوْم سَوْف تُسَاعِد الْجِسْم عَلَى الْتَّخَلُّص مِن جُزْء مَن الْسَّمُوْم الْمُخْتَزَنَة فِي خَلَايَاه مِثْل الْمَعَادِن الْثَّقِيْلَة كَالَّرَّصَاص مَثَلا، وَهَذِه الْسَّمُوْم قَد كَثُرَت فِي عَصْرِنَا هَذَا بِسَبَب الْتَّلَوُّث الْكَبِيْر لِلْمَاء وَالْهَوَاء وَالْغِذَاء الَّذِي نَتَنَاوَلَه. وَقَد يَكُوْن هُنَالِك فَائِدَة كَبِيْرَة مِن الْتَّمْر فِي عِلَاج الْتَسَمُّم بِالْرَّصَاص، حَيْث أَن الْهَوَاء الَّذِي نَسْتَنْشِقَه الْيَوْم مُلَوَّث بِالْرَّصَاص، بِسَبَب انْطِلَاق كَمِّيَّات مِن أَكَاسِيْد الْرَّصَاص مِن عَوَادِم الْسَّيَّارَات وَمَدَاخِن المَصَانِع.
الْتَّمْر يُعَالَج الِاضْطِرَابَات الْمِعَوِيَّة

يُعَالَج الْتَّمْر الِاضْطِرَابَات الْمِعَوِيَّة وُيُسَاعِد الْأَمْعَاء عَلَى أَدَاء مَهَامِهَا بِفَعّالِيّة عَالِيَة، كَمَا يُسَاعِدَهْا عَلَى تَّأْسِيْس مُسْتَعْمَرَة الْبِكْتِرْيا الْنَّافِعَة لِلْأَمْعَاء. وَلِذَلِك يُسَاعِد الْتَّمْر عَلَى عِلَاج الْإِمْسَاك بِشَكْل جَيَّد وَيُقَلِّص عَضَلَات الْأَمْعَاء وَيَنْشِطُهُا بِمَا فِيْه مِن أَّلْيَاف. وَيُمْكِن الاسْتِفَادَة الْقُصْوَى مِن شَرَاب الْتَّمْر لِعِلاج الْإِمْسَاك بِنَقْع حَبَّات مِن الْتَّمْر خِلَال الْلَّيْل وَتَنَاوَلَهَا فِي صَبَاح الْيَوْم الْتَّالِي كَشَرَاب مُسَهِّل.
الْتَّمْر يُعَالَج الِاضْطِرَابَات الْجِنْسِيَّة
يُمْكِن اسْتِعْمَال شَرَاب الْتَّمْر لِعِلاج الْقَلْب الْضَّعِيِف، كَمَا يُمْكِن اسْتِعْمَالُه لِلْضَّعْف الْجِنْسِي. وَإِذَا مَزْج الْتَّمْر مَع الْحَلِيْب وَالْعَسَل فَسَوْف يُشَكِّل شَرَابا فَعّالا لِعِلاج الِاضْطِرَابَات الْجِنْسِيَّة لَدَى الْجَنَسَيْن.
الْتَّمْر يَرْفَع مُسْتَوَى الْطَّاقَة
إِن مَشْرُوب الْتَّمْر الْمَنْقُوْع بِالْمَاء يُقَوِّي الْجِسْم بِشَكْل عَام وَيَرْفَع مُسْتَوَى الْطَّاقَة فِيْه. وَيُمْكِن أَن يَتَنَاوَلَه الْمَسْنُوْن أَيْضا لِتَحْسِيْن قُوَّتِهِم وَتَخْلِيصَهُم مَن الْسَّمُوْم الْمُتَرَاكِمَة فِي خَلايَاهُم طَوَال سَنَوَات عُمْرَهُم.
الْتَّمْر يُعَالَج الِاضْطِرَابَات الْنَّفْسِيَّة

إِن احْتِوَاء الْتَّمْر عَلَى الْأَنْوَاع الْغَزِيْرَة لِلْمَعَادِن وَالْأَمْلاح وَالْفِيَتَامِيِّنَات سَوْف يُؤَثِّر عَلَى عَمَل الْدِمَاغ وَيَسُد مَا يَنْقُصُه الْجِسْم مِن عَنَّاصِر غِذَائِيَّة، وَهَذَا يَقُوْد إِلَى الِاسْتِقْرَار الْنَّفْسِي لَدَى الْإِنْسَان. وَهَذَا يَعْنِي أَن تَنَاوُل كِمِيَّة مِن الْتَّمْر كُل يَوْم وَبِانْتِظَام سَوْف يُؤَثِّر عَلَى الْحَالَة الْنَّفْسِيَّة فَيَجْعَلُهَا أَكْثَر اسْتِقْرَارَا.
الْتَّمْر يُعَالَج الْوَزْن الْزَّائِد
إِن احْتِوَاء الْتَّمْر عَلَى تَشْكِيْلَة وَاسِعَة مِن الْعَنَاصِر الْغِذَائِيَّة يَجْعَلُه غِذَاء مُقَاوِمَا لِلْجُوَّع! وَإِذَا عَلِمّنَا بِأَن الْسَّبَب الْرَّئِيْسِي لِلْسُّمْنَة هُو الْإِحِسَاس بِشَكْل دَائِم بِالْجُوْع وَالشَّهِيَّة لِلْطَّعَام وَبِالتَّالِي اسْتِهْلَاك كَمِّيَّات أَكْبَر مِن الْشُحُوْم وَالْسُّكَّرِيَّات أَثْنَاء الْأَكْل، فَإِن الْعِلَاج بِتَنَاوُل بِضْع حَبَّات تَمُر عِنْد الْإِحْسَاس بِالْجُوْع سَيُسَاعِد عَلَى الْإِحْسَاس بّالامْتْلَاء وَالْشَبَع، هَذِه الْحَبَّات سَوْف تُمَد الْجِسْم بِالسُّكَّر الْضَرُورِي، وَتَقُوْم بِتَنْظِيْم حَرَكَة الْأَمْعَاء وَبِالتَّالِي الْتَّخْفِيف بِنِسْبَة كَبِيْرَة مِن الْإِحْسَاس بِالْجُوْع. وَبِالنَتيجَة الْتَّخْفِيف مِن اسْتِهْلَاك الْطَّعَام. وَهْنَا يَتَجَلَّى الْهُدَي الْنَّبَوِي الْشَّرِيف عِنَدَمّا قَال عَلَيْه الْصَّلاة وَالْسَّلام: (لَا يَجُوْع أَهْل بَيْت عِنْدَهُم الْتَّمْر) [رَوَاه مُسْلِم]. وَهْنَا نَسْتَنْبِط عِلَاجِا لِلْسُّمْنَة الْزَّائِدَة بِوَاسِطَة الْتَّمْر!
الْتَّمْر يُعَالَج اضْطِرَابَات الْكَبِد

يُعَالَج الْتَّمْر الْكَبِد وَيُخَلِّصَه مِن الْسَّمُوْم، وَإِذَا تُرَافِق الْصْوَم مَع الْإِفْطَار عَلَى الْتَّمْر، كَان بِحَق مِن أَرْوَع الْأَدْوِيَة الْطَّبِيْعِيَّة لِصِيَانَة وَتَنْظِيف الْكَبِد مِن الْسُّمُوم الْمُتَرَاكِمَة فِيْه.
الْتَّمْر يُعَالَج الِاضْطِرَابَات الْتَنَفُسِيَة

كَمَا أَن شَرَاب الْتَّمْر يُمْكِنُه أَن يُعَالِج الْتِهَابَات الْحَنْجَرَة وَالْعَدِيد مِن أَنْوَاع الْحُمَّى، وَالْرَّشْح وَالْزَّكَام. وَيُؤَكِّد الْبَاحِثُوْن الْيَوْم بِأَن الْتَّمْر إِذَا تَم أَخَذَه بِانْتِظَام فَإِنَّه يُعَالِج الْتِهَابَات الرِّئَة الْمُزْمِن.
الْتَّمْر يُعَالَج تَسَوُّس الْأَسْنَان

يَحْتَوِي الْتَّمْر أَيْضا عَلَى فِيَتَامِيِنات آ وّب1 وّب2 وَيَحْتَوِي الْتَّمْر أَيْضا عَلَى الْفْلُوُر وَهُو مُقَاوِم لِتَسَوُّس الْأَسْنَان. كَمَا يَحْتَوِي الْتَّمْر عَلَى عَدَد مَن الْمَعَادِن أَهَمِّهَا البُورُون وَالْكَالْسِيَوْم وَالْكَوَبِالَت وَالنُّحَاس وَالفْلّوّر وَالْحَدِيْد وَالْمُغِنَزْيَوْم وَالمَنُغْنِيّز وَالْبُوتَاسِيَوْم وَالْفُوسُّفُوّر وَالصُّودْيَوْم وَالزِّنّك.
الْتَّمْر قَد يُعَالْج الْسَّرَطَان
وَيَحْتَوِي الْتَّمْر كَذَلِك عَلَى عُنْصُر السِيَليْنْيَوْم الْمُقَاوِم لِلْسَرَطَان. وَلِذَلِك قَد يَكُوْن تَنَاوُل الْتَّمْر بِانْتِظَام، وَكُل يَوْم سَبْع حَبَّات أَو أَكْثَر، فَإِن ذَلِك قَد يُفِيْد فِي الْوِقَايَة مِن أَنْوَاع السَرطَانَات الْمُخْتَلِفَة. وَيَكُوْن هَذَا الْغِذَاء أَكْثَر فَعَالِيَة إِذَا تُرَافِق بِالْدُّعَاء: (بِسْم الْلَّه الَّذِي لَا يَضُر مَع اسْمِه شَيْء فِي الْأَرْض وَلَا فِي الْسَّمَاء وَهُو الْسَّمِيْع الْعَلِيْم).
الْتَّمْر يُسَهَّل الْوِلادَة
إِن عَضَلَة الْرَّحِم فِي مَرْحَلَة الْمَخَاض وَالْوِلَادَة تَكُوْن بِأَمَس الْحَاجَة لِلْسُّكْر الْطَّبِيْعِي كَغِذَاء لِهَذِه الْعَضَلَة الْضَّخْمَة نَسَبِيَّا. وَبِمَا أَن الْتَّمْر مَادَّة مَلِيَّنَة ومُسَهِّلة فَهِي ضَرُوْرِيّة لِلْحَامِل قَبْل الْوِلَادَة لِتَنْظِيْف الْكُولُون وَالْأَمْعَاء وَتَسْهِيل الْوِلادَة. وَلِذَلِك يَقُوْم الْتَّمْر بِالْتَّأْثِيْر عَلَى عَضَلَات الْرَّحِم فيَنشِطِهَا وَيُنَظِّم حَرَكَتِهَا مِمَّا يَسْهُل وِلَادَة الْحَامِل. وَهْنَا يَتَجَلَّى الْإِعْجَاز فِي قَوِلِه تَعَالَى فِي خِطَابِه لِسَيِّدَتْنَا مَرْيَم عَلَيْهَا الْسَّلَام: (وَهُزِّي إِلَيْك بِجِذْع الْنَّخْلَة تُسَاقِط عَلَيْك رُطَبَا جَنِيّا) [مَرْيَم: 25].
الْتَّمْر يُهَدِّئ الْأَطْفَال

يَحْتَوِي الْتَّمْر عَلَى الْسُّكَّر الْطَّبِيْعِي وَالَّذِي هُو سَهْل وَسَرِيْع الْامْتِصَاص وَالْهَضْم، لِذَلِك فَهُو مُرِيْح وَآَمَن بِالْنِّسْبَة لْمُعَدَّة الْطِّفْل وَأَمْعَائِه. وَيُمْكِن الاسْتِفَادَة أَيْضا مِن عَصِيْر الْتَّمْر خَصَوْصَا إِذَا مُزِج مَع الْحَلِيْب لِيُشَكِّل شَرَابا مُقَوِّيا لِلِأَطْفَال وَالْكِبَار مَعَا.
كَمَا يُمْكِن لِهَذِه الْعَجِينَة أَن تَكُوْن بِمَثَابَة مَادَّة مُهَدِّئَة لِلِّثَة الْطِّفْل أَثْنَاء بُزُوْغ أَسْنَانِه حَيْث تُهَدِّئ لِثَتُه وَتُطْرِيُّهَا وَتُسَهِّل خُرُوْج الْأَسْنَان.
الْتَّمْر يُعَالَج إِسْهَال الْأَطْفَال
ثُم إِن مَزِيْج الْتَّمْر وَالْعَسَل وَالْمَصْنُوع كَمَادَّة عَجِيْنِيَّة يُمْكِن أَن يُعَالْج الْإِسْهَال عِنْد الْأَطْفَال، وَيُعَالِج الْزُحَار أَيْضا بِشَرْط أَن يُعْطَى ثَلَاث مَرَّات فِي الْيَوْم.
الْتَّمْر غِذَاء لِلْمَوْلُوْد الْجَدِيْد

وَهْنَا نَسْتَذْكِر هُدِي الْنَّبِي الْكَرِيْم عَلَيْه الْصَّلاة وَالْسَّلام فِي تَّحْنِيْك الْطِّفْل بِالتَّمْر المَمْضُوّغ وَإِطْعَامُه قَلِيْلا مِنْه بَعْد وِلَادَتِه. وَقَد أَثْبَت الْعِلْم ضَرُوْرَة إِعْطَاء الْمَوْلُوْد شَيْئا مِن الْمَاء وَالْسُّكْر لِإِمْدَادِه بِالْغِذَاء وَإِكْسَابِه الْمَنَاعَة الْلَّازِمَة ضِد الْأَمْرِاض.
وَإِذَا عَلِمّنَا بِأَن الْسُكَّر الْمَوْجُوْد فِي الْتَّمْر مِن أَسْهَل أَنْوَاع الْسَكَاكِر امْتِصَاصّا وَهَضَمَا فَإِنَّه يَكُوْن مُنَاسِبَا لِلْمَوْلُوْد الْجَدِيْد مُنْذ وِلَادَتِه عَلَى أَن يَتِم مَضَغَه أَو نَقْعُه بِالْمَاء الْنَّقِي لِيَسْهُل تَنَاوُلُه. وَهَذَا يُؤَكِّد أَن الْرَّسُوْل الْأَعْظَم صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم قَد سَبَق الْأَطِبَّاء إِلَى هَذَا الْنَّوْع مِن الْتَّغْذِيَة، كَيْف لَا يَسْبِقُهُم وَهُو رَسُوْل مِّن رَّب هَؤُلَاء الْأَطِبَّاء؟!
وَأَخِيْرا
وَنَتَذَكَّر أَن الْنَّبِي صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم كَان يُفْطِر عَلَى الْتَّمْر، وَلِذَلِك يُؤَكِّد عُلَمَاء الْغَرْب الْيَوْم أَن الْصَّوْم الْفَعَّال يَجِب أَن يَكُوْن عَلَى الْمَاء وَالْمَوَاد الْسُكَّرِيَّة الْطَّبِيْعِيَّة، وَالْسُّكْر الْمَوْجُوْد فِي الْتَّمْر هُو مِن أَفْضَل السُّكَّرِيَّات فِي الْطَّبِيْعَة. وَهَكَذَا يَكُوْن الْرَّسُوْل الْكَرِيم عَلِمْنَا أُصُوْل الْصَّوْم الْفَعَّال بِتَنَاوُل الْتَّمْر وَالْمَاء قَبْل أَن يَكْتَشِفُه الْغَرْب بِقُرُوْن طَوِيْلَة!